نغمة سائدة
عدد المشاهدات:1778
Tweet Save +1 Fancy Reddit Share skype
عودة للقصص
نغمة سائدة
"لماذا يا ربي تحجب وجهك عني" انطلقت الترنيمة تدوي في قلب المكتب، وسط دهشة تحولت لضيق، وبدأ الجميع يتأفف. كل منهم علق بكلمة...
- ما تشوفوا مدام ماري راحت فين أو حد فيكوا يطفي صوت التليفون
- باين عليها راحت الحمام
- خلاص تبقى تاخد تليفونها معاها... ذنبنا أيه أحنا في الإزعاج دا
- وطوا صوتكم شويه ... زمانها جايه تسمعكم وتزعل
حضرت صاحبة "الموبايل" أخيرا. أسكتت الصوت بالرد على المتصل. تكررت الواقعة أكثر من مرة. في أحد الأيام، اقتربت منها زميلتها القديمة الحاجة سهام، وقع اختيار الجميع عليها لتقوم بتلك المهمة، طلبت أن يتحدثا على إنفراد. جمعتهما الزمالة والصداقة لأكثر من عشرين عام، ثم فترت صداقتهما في بضع السنوات الأخيرة، من دون سبب محدد أو معلوم، خاصة بعد رجوع الحاجة من إجازتها التي استمرت خمس أعوام. قضتها برفقة زوجها، الذي يعمل بدولة شقيقة. عادت وقد اختلفت شخصيتها، واختفت هيئتها داخل عباءة سوداء صارت هي الزي المعتمد لها، السبحة لا تفارق يدها، منشغلة بالتسبيح دوما، حتى عن إنهاء تلال الأوراق المتراكمة على مكتبها. كذلك تغيرت مدام ماري بعد وفاة زوجها وعدم تلقيها العزاء، إلا من عدد قليل ومحدود من الزملاء. استاءت عندما علمت أن مدير الإدارة أفتى على الجميع بعدم الذهاب أثناء تشييع الجنازة، والاكتفاء بإرسال برقية عزاء جماعية. فما عادت تشاركهم الحفلة اليومية للإفطار الجماعي، ومعظم أحاديثها معهم باتت في أطار العمل فقط. كما أصبحت تقضي أغلب وقتها بمكتب مدام هوديت.
على غير استحياء دخلت الحاجة سهام في الموضوع مباشرة. طلبت من مدام ماري تغيير نغمة هاتفها. قبل أن تشرع في توضيح الأسباب، انطلق الآذان من محمولها، فتوقفت عن الكلام، أشارت بإصبعها نحو الهاتف، أشارة يفهم منها سنواصل الحديث بعد انتهاء الإشعار.
بعد بضعة أيام، تعمدت ماري ترك الهاتف فوق مكتبها، ثم غادرت. توجهت للحمام، أخرجت هاتفا محمولا آخر من حقيبتها، لتجري منه اتصالا عاجلا. انطلقت النغمة الجديدة بعد تغييرها، لتصبح مقطع مطول من قداس القيامة.
